بسم الله الرحمن الرحيم
وجوب مناصرة المسلمين في أفغانستان والقتال معهم
السؤال الأول : فضيلة الشيخ ما حكم مناصرة المسلمين في أفغانستان والقتال معهم ؟
الجواب : من واجبات الدين وضرورياته مناصرة المسلمين في حكومة طالبان وفلسطين والشيشان وغير ذلك من بلاد المسلمين والذب عن حرماتهم وأعراضهم، وكل على قدر طاقته { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا }، فأهل الأموال يساهمون في قيام الجهاد بصدقاتهم وزكواتهم، قال تعالى { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ..}، وأهل القدرة على القتال يمنحون الدين أرواحهم ويـبـيعون الحياة الدنيا بالآخرة ويشاركون إخوانهم في الذب عن حرماتهم وأعراضهم والدفاع عن أراضيهم وتخليصهم من أيدي الكفرة المعتدين والأمريكان الظالمين قال تعالى { وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً } .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنـتكم " رواه أبو داود من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن أنس وسنده صحيح .
وقد اتفق العلماء على وجوب قتال الكفار المعتدين على بلاد المسلمين وعلى حرماتهم . فإن اندفع شرهم وكيدهم بأهل البلاد المظلومة سقط الفرض عن غيرهم, وإن لم يحصل دفع العدو الكافر وطرده عن بلاد المسلمين فإنه يجب حينئذٍ على من يقرب من العدو من أهل البلاد الإسلامية الأخرى مناصرة إخوانهم وصدّ عدوان الكافرين ودفع بغيهم وظلمهم وقد قال تعالى { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض }، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه. ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامه .. ) رواه البخاري ومسلم من طريق الزهري عن سالم بن عبد الله عن عمر بن أبيه .وقال صلى الله عليه وسلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً . متفق على صحته من حديث أبي موسى الأشعري .
وروى البخاري و مسلم من طريق زكريا عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلممثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد . إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) . وفي رواية عند مسلم ( المسلمون كرجل واحد . إن اشتكى عينه اشتكى كله وإن اشتكى رأسه اشتكى كله ) .
ولا ريب أن المقتول في سبيل الله في جهاد الكفار ومناصرة المؤمنين والدفاع عن بلادهم وحرماتهم ينال أجر الشهداء الصابرين والمجاهدين الصادقين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد .. ) رواه مسلم في صحيحه من حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة . وهذا دليل على أن المقتول في سبيل الله شهيد ودليل على أن من مات في سبيل الله من المرابطين والمقاتلين بدون قتل فإنه شهيد .
وقد جاء في صحيح مسلم من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن بعجة بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( منْ خير معاش الناس لهم . رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يـبتغي القتل أو الموت مظانه ... ) .
فالله الله في قتال الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم وزرع الرهبة في قلوبهم والنكاية بهم وتبديد قوتهم وكسر شوكتهم، قال الله تعالى { فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً }. والله الله في الإخلاص لله تعالى فإن العمل غير مقبول بدون إخلاص لله ومتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم .
ثم نتوجه بمخاطبة المسلمين في العالم كله أن يقوموا بتطبيق مبدأ الأخوة الإيمانية بمناصرة إخوانهم المجاهدين بأموالهم وأنفسهم وألسنـتهم بالدعاء والقنوت في الصلوات المكتوبات، والذب عن أعراض إخوانهم المجاهدين بالكتابات الجريئة في وجه أهل الباطل والنفاق، وبذل الجهد بقدر الوسع في نصرة المظلومين في أفغانستان والشيشان وفلسطين والعراق الذي يعاني شعبه الجوع والأمراض منذ أكثر من عشرة أعوام .
قال تعالى { وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ } .
والحذر الحذر من مناصرة الكفار على المسلمين بأي نوع أو وسيلة من وسائل النصرة فهذا من التولي وهو كفر ونفاق ومرض في القلوب وفسق . وليس من شروط الكفر أن تكون مظاهرته للكفار محبة لدينهم ورضى به، فهذا مذهب ضعيف لأن محبة دين الكفار والرضى به كفر أكبر دون مظاهرتهم على المسلمين . فهذا مناط آخر في الكفر ولو ادعى المظاهر محبة الدين وبغض الكافرين فإن كثيراً من الكفار لم يتركوا الحق بغضاً له ولا كراهية للدين إنما لهم طمع دنيوي ورغبة في الرياسات فآثروا ذلك على الدين قال تعالى { ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } .
وقصة حاطب في الصحيحين هي من قبيل النفاق الأكبر وقد شفع له شهوده بدراً في قبول تأويله الذي صدّقه عليه النبي صلى الله عليه وسلم وبدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ عمر على تسميته منافقاً .
قال تعالى { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }، وذلك لأنهم دخلوا في طاعتهم ونصروهم وأعانوهم بالمال والرأي .
ومن ذلك مشاركة الجنود المسلمين الموظفين في الحكومة الأمريكية في قتال الأفغان المجاهدين في سبيل الله فهذا من أكبر الذنوب وأعظمها منافاة لأصل الإيمان . وتجويز هذا العمل بدليل الإكراه غير صحيح فإن للإكراه ضوابط وشروطاً وهي غير متوفرة في هذه الصورة .
فإن هؤلاء العسكريين يسعون لمصالحهم وتثبيت مناصبهم وكسب الأموال في سبيل قتل الأبرياء من المسلمين وهدم ديارهم وهذا لا يجيزه عاقل .
وقد يهددون بالقتل وهذا غير مسوَّغ للمشاركة لأنه لا يجوز شرعاً أن تبقي نفسك في سبيل هلاك الآخرين وقتل المظلومين فليست دمائهم بأرخص من دمائكم ولا دماؤكم بأغلى من دمائهم .
قال تعالى { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } .
وقد أفتى بعض المنهزمين بجواز مشاركة المسلمين العسكريين العاملين في الحكومة الأمريكية في قتال الأفغان المسلمين وهذه مخالفة لسبيل المؤمنين، واجتهادات لا تحمل شعار العلم والفقه .
وقد كتبت رسالة مطولة في نقض هذه الفتوى وبيان منافاتها للأدلة السمعية والعقلية، فإن المظاهرة أي مظاهرة الكفار على المسلمين من المسائل المجمع على تحريمها وقد سمى الله ذلك كفراً وقد تقدم وسمى ذلك نفاقاً فقال تعالى { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً } .
وسمى ذلك مرضاً في القلوب فقال تعالى { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } .
وسمى ذلك فسقاً فقال تعالى { تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } .
والإجماعات المنقولة في هذا الباب كثيرة، وقد حررت ذلك في غير موضع وبينت الفرق بين الموالاة والتولي ، وأن التولي كفر أكبر وأما الموالاة فمنها ما هو مرادف للتولي، ومنها ما هو دون ذلك والله أعلم .
سليمان بن ناصر العلوان
1 / 8 / 1422 هـ