بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستهديه من يضلل الله فلا هادي له و من يهدي الله فلا مضل له ، واشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده رسوله أدى الأمانة ونصح الأمة لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا بعد إتمام الدين ولله الحمد والمنة .
نناقش في هذا القسم الادلة التي ذكرها الشيخ يوسف خطار في الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية من حيث الثبوت والرد ، فإن هذه الموسوعة يستدل به الصوفية ويسوقون مباحثها مساق المسلمات فنناقش أدلة هذه الموسوعة نصيحة للأمة لأنه من تأملها يعلم أن فيها الغث والسمين وما لا دلالة فيه كما سيتضح في المناقشة إن شاء الله تعالى .
هذا والله تعالى أعلا وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأزواجه وسلم .
============
أبو عثمان
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#2 09-10-2009, 11:55 PM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
التوسل
الاستعانة – الاستغاثة
ابتدأ المؤلف هذا المبحث بتعريف التوسل فقال : (( التوسل: هو طريقة من طرق التضرع إلى الله عز وجل ، وأحد أبواب دعاءه والتوجه اليه سبحانه وتعالى، فالوسيلة هي كل ما جعله الله سببا للتقرب اليه وبابا لقضاء الحوائج منه، قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة﴾ )) [ ص 81 ] .
قلت : التوسل باللغة التقرب ، والوسيلة ما يتقرب به إلى الغير ، والوسيلة شرعا : (( هي كل سبب يوصل إلى المقصود عن طريق ما شرعه الله تعالى ، وبينه في كتابه وسنة نبيه وهي خاصة بالمؤمن المتبع أمر الله ورسوله )) [ التوسل أنواعه وأحكامه ص 17 ] ، فالوسيلة التي نتقرب بها إلى الله عز وجل هي ما أمرنا به في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ... الحديث )) [ صحيح البخاري ص 2384 / 5 ] فالأصل بالتقرب إلى الله تعالى يكون بما افترضه ثم بالنوافل ، وليس التقرب إليه بالتوسل بذوات الأنبياء والصالحين .
أما الطرق التي شرعها الله عز وجل فهي ثلاثة :
فالأولى باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته ودليله من كتاب الله عز وجل (( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا .. الآية )) [الأعراف : 180] وعن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي ثم دعا : (( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم )) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى )) [ أخرجه أبو داود في السنن ص 79 / 2 ] .
والثانية بعمل صالح قام به الداعي أو المتوسل ، دليله من كتاب الله قولته تعالى : (( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )) [آل عمران : 16] ودليل من السنة عن يحيى بن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول : (( اللهم إني أسألك بأني أشهد انك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) ، فقال : (( قد سأل الله باسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب )) [ أخرجه أحمد ص 350 / 5 ].
والثالثة التوسل بدعاء رجل صالح ، وهذا النوع من التوسل قد دلت عليه نصوص السنة فعن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون. [ ص 342 / 1 ] ، وقصة أويس القرني رحمه الله تعالى حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يطلب من أويس يستغفر له كما في صحيح مسلم .
أما غير هذه الأنواع من التوسلات ففيه خلاف عند العلماء ، فالذي ندين الله به أنها لا تجوز لعدم ورود النص بها وإن جاء فليس فيه صريح الدلالة وإن صحت دلالته ضعف من طريف النقل كما سوف يمر عند الرد على أدلة المؤلف إن شاء الله تعالى ، والتوسل الذي نقصد غير الاستغاثة التي يقصدها المؤلف كما سيأتي .
فإذا كان التوسل مسألة خلافية بين أهل العلم ، فما هو الواجب عند الاختلاف ؟ الجواب الرجوع إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم فالرجوع إلى الله جلا وعلا يكون بالرجوع إلى القرآن والرجوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالرجوع إلى سنته وليس إلى قبره ، قال الله عز وجل : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )) [النساء : 59] ، فلم يثبت في الكتاب والسنة إلا ما تقدم من أنواع التوسلات ، والله تعالى أعلا وأعلم .
قال المؤلف : (( وأما الاستغاثة : فهي طلب الإغاثة ممن يمملكها على وجه الحقيقة وهو الله عز وجل، أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه.
وأما الاستعانة: فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه )) [ ص 81 ] .
قلت : وتعريف المؤلف للاستغاثة والاستعانة ينقسم إلى قسمين ، فالقسم الأول هو الاستغاثة والاستعانة بالله عز وجل ، وهذا حق لا مرية فيه وهذا هو الأصل قال الله تعالى : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) [غافر : 60] ، وقال تعالى : (( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ )) [النمل : 62] .
أما القسم الثاني فقوله في تعريف الاستغاثة : (( أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه )) ، وقوله في تعريف الاستعانة (( أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه )) ، فهذا ينقسم أيضا إلى قسمين فالأول فيما يقدرون عليه في حال حياته مثل الاستقراض منهم أو استنفارهم لغزو العدو أو طلب الدعاء منهم أو كما وقع لموسى عليه السلام قال الله تعالى : (( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ )) [القصص : 15] ، فهذا النوع لا خلاف به بل هو واقع كما دلت عليه النصوص .
أما القسم الثاني إن كان يقصد المؤلف بالعطية الأمور التي لا يقدر عليه إلا الله عز وجل وهي خصائص الربوبية مثل غفران الذنب ، وهداية القلوب ، وطلب الولد والرزق والعافية وشفاء المرض منهم فهذا الاستغاثة من الشرك الأكبر الذي نحذر الأمة من الوقوع به فكيف يكون الله عز وجل أعطاهم تلك الأمور ، فالمؤلف يحتاج إلى تدعيم كلامه فما هو إلا مجرد دعوة لترويج الشرك على عوام الأمة قال الله تعالى : (( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ )) [الأعراف : 29] وقال : (( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) [غافر : 14] ، وقال : (( فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) [غافر : 14].
ويزداد الأمر سوء إذا كان من يستغيثون به ميت منذ قرون أو حي غائب ، وليس لديهم دليل شرعي على جواز هذا الفعل وكما سيأتي إن شاء الله تعالى عند مناقشة أدلة المؤلف ، فكيف إذا إنضاف إلى هذا أن الفعل يوقع في الشرك الأكبر ؟! وسوف نذكر إن شاء الله في نهاية البحث أمثل من كتب الصوفية باستغاثاتهم التي فاقت استغاثة الجاهلية .
وتعريف المؤلف للاستغاثة والاستعانة عليه ملاحظات خطيرة وهي :
1. عطف الأولياء على الله تعالى حيث جعلهم يغيثون المضطرين مثل الله تعالى ، وحتى يبرر هذه التسوية قال : (( بحوله وقوته القدرة عليها )) وهل يحدث شيء في الكون دون إذن الله تعالى حتى يضع هذا القيد ؟؟!!
2. الافتراء على الله عز وجل ، من أين لكم أن الله تعالى أعطى أولياءكم حق إغاثة الناس ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) فهذه دعوى منكم بأن الله تعالى صرّف أوليائكم بالكون ، ولا شك ولا ريب أن هذا القول يجعل الناس يتعلقون بالمخلوقين من دون الخالق والعياذ بالله وكما هو واقع عند الصوفية وغيره .
3. قياس معجزات الأنبياء وكراماتهم على ما ينسبونه إليهم باطل ، وذلك لأن الأنبياء عليم السلام أصحاب دعوة فلا بد من المعجزة ، وثانيا الله أخبرنا بتلك المعجزات ، فكيف تساوون الأنبياء بأوليائكم الذين هم غير معصومين ولربما فعل أحدهم الفاحشة بالأتان !!
قلت : وقوله : (( أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه )) هذا يخالف ما جاءت به السنة النبوية فعن ابن عباس بن عباس قال : كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال : (( يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف )) [ أخرجه الترمذي رقم 2516 ، والحاكم في المستدرك رقم 6303 ورقم 6304 بنحوه ، وأبو عبد الله المقدسي في الأحاديث المختارة ص 22/10 ] .
ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس وحده أن يستعين بالله عز وجل ، ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى ابن عباس وحده لكفى لأنه الخطاب للواحد يعني للخطاب للأمة ، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أمار السرايا حين يبعثهم فيقول : (( فإن هم أبوا – يعني الجزية - فاستعن بالله وقاتلهم )) [ أخرجه مسلم رقم 1731 ] .
ومما مر يتبين لك أخي الكريم القاري الفرق الواضح الجلي بين التوسل والاستغاثة ، ولكن المؤلف لا يفرق بين التوسل وبين الاستغاثة فكلا الأمرين عنده سواء فقد قال : (( فيظهر لنا أن التوسل والاستغاثة والاستعانة شيء واحد )) [ ص 81 ] ، بينا أنه عرف التوسل فقال : (( هو طريقة من طرق التضرع إلى الله عز وجل ، وأحد أبواب دعاءه والتوجه إليه سبحانه وتعالى، فالوسيلة هي كل ما جعله الله سببا للتقرب إليه وبابا لقضاء الحوائج منه .. الخ )) [ص 81] ، فالتوسل عنده أسباب التقرب إلى الله تعالى بالطرق المشروعة ، وهذا حق لا نختلف معه به . وعرف الاستغاثة فقال : (( فهي طلب الإغاثة ممن يمملكها على وجه الحقيقة وهو الله عز وجل، أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها، وهم أنبياؤه وأولياؤه )) [ص 81] ، وهذا التخليط من المؤلف وجعل التوسل المختلف فيه بالاستغاثة الغير المشروعة التي هي عبارة عن الشرك الأكبر أمر خطير ، فهو يستغل التوسل ليروج الاستغاثة وكل عاقل يعرف الفرق بينهما حتى من تعريف المؤلف نفسه ، وسوف يأتي إن شاء الله تعالى تبرير المؤلف لهذا الخلط والرد عليه .
ثم يبرر المؤلف خلطه بين التوسل والاستغاثة فيقول : (( فيظهر لنا أن التوسل والاستغاثة والاستعانة شيء واحد ، لأن المتوسل أو المستغاث أو المستعان به على الحقيقة هو الله وأما المتوسل به من العبيد فواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى )) [ ص 81 ] .
قلت : الله أكبر صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : (( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع فقيل يا رسول الله كفارس والروم فقال ومن الناس إلا أولئك )) [ أخرجه البخاري عن أبي هريرة ص 2669 / 6 ] ، ووجه الاستدلال بالحديث أن ما قاله المؤلف نفس حجة المشركين في عبادتهم للأصنام قال الله تعالى : (( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [يونس : 18] ، وقال أيضا : (( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ )) [الزمر : 3] .
وقد نبه لهذه المسألة تقي الدين ابن تيمية رحمه الله تعالى فقال : (( فالمشركون كانوا يتخذون من دون الله شفعاء من الملائكة والأنبياء والصالحين ، ويصورون تماثيلهم فيستشفعون بها ويقولون : هؤلاء خواص الله ، فنحن نتوسل إلى الله بدعائهم وعبادتهم ليشفعوا لنا ، كما يتوسل إلى الملوك بخواصهم لكونهم أقرب إلى الملوك من غيرهم ، فيشفعون عند الملوك بغير إذن الملوك ، وقد يشفع أحدهم عند الملك فيما لا يختاره فيحتاج إلى إجابة شفاعته رغبة ورهبة . فأنكر الله هذه الشفاعة فقال تعالى : (( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ )) [البقرة : 255] ، وقال : (( وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى )) [النجم : 26] ... الخ )) [ التوسل والوسيلة ص 12 ] .
فقارن يا رعاك الله بين حجج المشركين وقول المؤلف : (( وأما المتوسل به من العبيد فواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله )) .
وأما المساواة بين التوسل والاستغاثة لا يستقيم لا لغة ولا حقيقة ، فالتوسل هو أن يتوجه بالدعاء إلى الله تعالى بأن يقول : اللهم فرج كربي بجاه نبيك أو بجاه فلان من الصالحين وهذا النوع محل خلاف ، أما الاستغاثة فهي التوجه بالدعاء إلى أحد المخلوقين بأن يقول : يا فلان – أين كان من المخلوقين – فرج كربي أو نجني من ظلمات البحر ... الخ ، والتوسل طلب الوسيلة ، والاستغاثة طلب الغوث ، فأين التوسل من الاستغاثة حتى يساوى بينهما ؟!
ثم يحاول المؤلف تبرير موقفه في خلطه بين التوسل والاستغاثة ملبسا على القاري البسيط فيقول : (( وأما التوسل بغير العمل الصالح كالذوات والأشخاص فما هو في الحقيقة إلا توسل بعمله الصالح فمن توسل بشخص ما فذلك لأنه يحبه إذ يقدر صلاحه وولايته وفضله تحسينا للظن به، أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى، فيكون الله تعالى محبا له أيضا قال جل جلاله ﴿يبحهم ويحبونه﴾ )) [ ص 81 – 82 ] .
قلت : يحاول المؤلف أن يعقلن اللامعقول ، فيكف يكون التوسل والاستغاثة بالذوات الذي لم يدل على دليل صحيح صريح يساوي التسول بالعمل الصالح الذي جاءت به النصوص الصريحة من الكتاب والسنة كما مر وكما سيأتي إن شاء الله ؟؟!!
فكيف يعقل أن قول القائل اللهم نجني من ظلمات البحر ببري لوالدي يساوي قول القائل يا بدوي نجني من ظلمات البحر ، فأي عاقل يساوي بين الأمرين ؟؟ ولكن عقلنة اللامعقول !!
وقوله : (( أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى، فيكون الله تعالى محبا له أيضا )) ، فهذا استنباط ، وهو الأصل في قولهم بالتوسل والاستغاثة ، فلذلك عندما طُولبوا بالدليل من الكتاب والسنة لم يجدوا إلا الأحاديث الضعيفة والموضوع فقاموا يرددونا في كل مناسبة كما سيأتي بيانه في الرد على أدلة المؤلف إن شاء الله تعالى .
ثم فيه هذا المعتقد بني على ظن لا يعلم حقيقته إلا الله عز وجل ، ومن ثم هو افتراء على الله عز وجل ، وذلك عندما يستغيث أو يتوسل صوفي بأحد الأولياء يظن فيه أنه محب لله عز وجل ، وهذا لا يعدو أن يكون ظنا من المتسول نفسه بالولي ، وعلامة محب الله عز وجل حدها لنا في كتابه العزيز حيث قال : (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) [آل عمران : 31] فتجدهم يعتقدون الولاية ويتوسلون برجل متلبس بألوان البدع ، وإن سلمنا أن المتوسل به من الأولياء يحب الله عز وجل وأنه كان صادق فيه حبه ، فمن أين لهم أن الله عز وجل أحبه أليس الله القائل : (( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ))[النجم : 32] ، قال الله تعالى : (( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )) [الأنعام : 21] فالافتراء على الله عز وجل من الظلم وقد قرنه الله عز وجل مع الذي يكذب بآياته فأي خطر وقعوا به ليثبتوا التوسل والاستغاثة ، وهذه العقيدة مبناه كله على الظن وقد قال الله تعالى : ((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ )) [يونس : 36] ، وقال : ((وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ))[النجم : 28]
قال المؤلف : (( ولو تدبرنا الأمر لوجدا أن هذه المحبة وذلك الاعتقاد هما من عمل المتوسل لأنه اعتقاده الذي انعقد عليه قلبه فهو منسوب إليه ومسؤول عنه ومثاب عليه ، فمن قال: اللهم إني أتوسل إليك بمحبتي لنبيك أو قال بنبيك سواء لأنه ما أقدم على هذا إلا لمحبته وإيمانه بنبيه، ولولا المحب له والإيمان به ما توسل به فهو إذا توسل بعمله الصالح )) [ ص 82 ] .
قلت : هذا الأمر لا يمكن معرفة حقيقته إلا بسؤال حال المتوسل هل هو يتوسل بالذات أو بالعمل الصالح بمعنى لو قال : (( قال بنبيك )) فلابد أن تقدر كلمة بمحبتي لنبيك حتى تساوي العبارة الأولى التي ذكرها المؤلف ، وإن سلمنا للمؤلف ما قال فقد خالف المؤلف تعريفه للاستغاثة حيث يقول : (( طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها )) فأين طلب العون من المخلوقين من سؤال الله بالعمل الصالح ؟؟ فهو كما قلنا عقلنة اللامعقول .
وكلام المؤلف هذه يلزمه أن التوسل مبناه بالأعمال ، فإذا كان هذه حقيقة التوسل عنده فلماذا سود هذه الصفحات وجمع هذه الشبه ليثبت أن الاستغاثة والاستعانة المحظورة والتسول بالذوات من شرع الله عز وجل ؟!
وهذا تناقض واضح فالمؤلف في هذه العبارة نقض بحث أو أنه قال ما لم يعتقد ، وقد قال الله عز وجل للمشركين : (( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً )) [النساء : 82] ، ونحن نقول للمؤلف لو كان الاستغاثة والاستعانة والتوسل المحظور من شرع الله عز وجل لما تناقضت في حقيقته ، والله ولي التوفيق .
قال المؤلف : (( ثم إن المسلم عندما يتوسل أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بالرجل الصالح إنما يتوسل به لما يعلم من كرامته وجاهه عند الله عز وجل ولاعتقاده بأنه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة على الإمداد والإعانة )) [ ص 82 ] .
قلت : وهذا تناقض آخر من المؤلف ففي الفقرة السابقة جعل التوسل هو بعمل المتسول أي بحبه للمتَوسل به ، والآن يقرر أن التوسل بالذوات لاحتمال أن الله تعالى أعطاهم القدرة على الإمداد والإعانة ، وهل تعقد العقائد بمثل هذا الظن ((بأنه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة )) ، فأين ذهب اليقين وأين ذهب التواتر ؟؟!! نعم لرسولنا صلى الله عليه وسلم عند الله عز وجل جاه ، ولكن صاحب الشريعة لم يأمرنا بالاستغاثة به بعد موته بل ما جاء به يخالف ما يدندن عليه المؤلف .
قال المؤلف : (( فالإنسان عندما يتوسل إلى الله تعالى بجاه نبي أو ولي فإن ذلك يعني أنه توسل إلى الله تعالى بفعل من أفعاله خلقه لذلك النبي وسماه جاها، وبصفة من صفاته سماها اختصاصا ، وهذا من التوسل إلى الله بصفاته وأفعاله وهو مجمع على جوازه عند أهل الحق )) [ ص82 ] .
قلت : وهذا تناقض آخر من المؤلف ، فلو سلمنا له صحة هذا الاستنباط ، فلماذا الاستغاثة والتوسل بالمخلوقين في ظلمات البحر ، لماذا لا تفصحون فتقولون : يا من أعطاه الجاه للولي الفلاني نجني من ظلمات البحر ؟! وهذا أين يناقض كلامه السابقة في الفقرة الماضية فالمؤلف علل التوسل بالذوات بقوله : (( بأنه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة )) ، والآن يقول التوسل بالذوات هو توسل بصفات وأفعال الله عز وجل .
ثم نطرح هذا السؤال على المؤلف وعلى من يرى رأيه هل يجوز التوسل إلى الله تعالى بخلقه إبليس ؟؟!!
قال المؤلف : (( ونحن إذ نظرنا إلى كل فرد من أفراد المتوسلين والمستغيثين بالأنبياء والصالحين لا نجد في نفس أحد منهم إلا التقرب إلى الله تعالى لقضاء حاجاتهم الدنيوية والأخروية مع علمهم بأنهم كلهم عبيد لله تعالى فقلوبهم موقنة أنه جل جلاله الفعال المطلق المستحق للتعظيم بالأصالة لا شريك له ولا رب ولا موجد سواه، ولا نافع ولا ضار إلا هو )) [ ص 83 ] .
قلت : إذا كان الأمر هكذا فلماذا يتركون الفعال المطلق المستحق التعظيم بالأصالة ويتجهون لمن ليس بيده شيء أي الفرع ؟؟!! ، وكيف إذا إنضاف إلى هذا مخالفة صريحة الكتاب قال الله تعالى : (( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) [غافر : 65] ، وقال الله تعالى : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) [غافر : 60] ، فالله يأمرنا بدعوته ، والمؤلف هداه الله للحق يدعون لدعاء غيره من المخلوقين فكيف نرضى بهم بدلا ؟؟!!
وهنا يتكلم باسم جميع المستغيثين والمتوسلين وكأنه دخل في نياتهم ، ثم أمر النية نرجعه إلى الله عز وحل ، فنحن مأمورون بأن نأخذ الناس على الظاهر فقد أنب النبي صلى الله عليه وسلم حبه أسامة بن زيد عندما لم يأخذ ذلك الرجل بظاهر أخرج البخاري في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "(( يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله )) قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " [ ح 4021 ]، وكما قبل النبي صلى الله عليه وسلم إسلام المنافقين ووكل سرائرهم إلى الله عز وجل ، فإذا رأينا أمر ظاهره الشرك أو أقل ما يقال فيه أن ظاهره الشرك ، فلا بد من إنكاره ، فكيف بمن إذا اشتد به البحر وأيقن بالهلاك استغاثة بالعيدروس أو الجيلاني ؟؟!!
قال المؤلف : (( فيفهم مما مر أن غاية الأمر أن بعض المتوسلين والمستغيثين يتسامحون في التصريح بهذا الأمر وهو الطلب من الله دون واسطة عملا بالحقيقة والأصل ويكتفون بعلم من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فينادون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأولياء الصالحين ويطلبون منهم العون والإغاثة وهم في قريرة أنفسهم يعلمون حق العلم أنه وحده سبحانه وتعالى هو النافع والضار ولا يقع في ملكه إلا ما يريد وذلك طمعا في الإجابة لما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من منزلة عند الله )) [ ص 83 ] .
قلت : يا ليت المؤلف تكلم عن نفسه فقط دون الدخول في قلوب جميع المستغيثين ، وهو يكون في هذا المقال فتح الباب على مصراعيه للشرك بدعاء غير الله ولا يخفى على كل مسلم أن الدعاء هو العبادة كم قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : (( الدعاء هو العبادة )) [ أخرجه أبو داود عن نعمان بن بشير ص 76 / 2 ] ، وصرف الدعاء إلى غير الله عز وجل هو صرف عبادة لغير الله عز وجل .
والمؤلف هداني الله وإياه إلى الحق يحاول تخريج أقوال العاكفين على القبور وعباد الصالحين وغير الصالحين إلى مخرج ويا ليته كان صحيحا ، فنحن مأمورون بالأخذ بالظواهر ولم أن نشق القلوب وننظر ما فيها وكيف يقول المؤلف ما قال والرسول صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي قاله له ما شاء الله وشئت : (( جعلتني لله عديلا لا بل ما شاء الله وحده )) [ مصنف ابن أبي شيبة ص 340 / 5 ] ، فبدلا أن يزجرهم المؤلف ويبين خطأ يقول ويبرر لهم ذلك الفعل الشنيع ، مما يجعلنا نشعر أنه ما قال ذلك إلا تبريرا فقط ، ثم الواقع المشاهد يخالف ما يدعيه المؤلف فمن شاهد العاكفين على القبور وتصرفاتهم يعتقد أن ألئك يعتقدون بذلك الميت أنه يتصرف بالكون كما يشاء فلذلك ارتضوا به بدلا عن الله عز وجل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وهذا التبرير الذي ذكره المؤلف ليس له حقيقة عند المتوسلين لأن كلامهم وفعلهم يخالف ما يقوله المؤلف قال النبهاني في ترجمة جاكير الكردي : (( واستأذن رجل واسطي الشيخ جاكير في ركوب بحر الهند بتجارة فقال : إذا وقعت في شدة فناد باسمي ... الخ )) [ جامع كرامات الأولياء ص 3 / 2 ] ، فهذا الشيخ جاكير يأمر أحد أتباعه بأن يستغيث به في حال الشدة ، فكيف يقول المؤلف هذا توسل بهم لأنهم يحبون الله عز وجل أو أنهم يستغيثون بهم تجوزاً ؟؟!!
مثال آخر قال النبهاني أيضا نقل عن السراج قال : (( روينا أن شخصا من بني النحاس الحلبيين كان يهوى الشيخ شبيب الفراتي ويتوالاه ، فتوجه مرة في تجارة إلى بغداد ، فقال للشيخ : لا أذهب إلا وخاطرك معي ، فقال : الله ورسوله وخاطرنا يحرسك ، فأخذ الحرامية القافلة كلها ، فقال مقدهم : هذا الشاب وكل ما معه لا يعارضه أحد ، فلما وصلوا إلى بغداد مأخوذين رفعوا أمرهم إلى ولاة الأمر حتى بلغ الخليفة ، فقال الحرامية : كانوا رفاق هذا الشاب ، وهو الذي حملهم على أخذنا ، فسحبوا الشاب وضيقوا عليه فاستغاث بشيخه ، فرأى الخليفة في نومه الشيخ شبيبا يقول له : أنا فلان من القرية الفلانية ، وقضية هذا الشاب معي كيت وكيت ، فطلب الخليفة الشاب فأكرمه وأحسن نزله وعتب عليه لكونه لم يعلمه بحاله ، فقال الشاب : لم أصل إليك ، فلما صل الشاب إلى الشيخ ابتدأه وحكى له جميع ما جرى ، فقال الشاب : لم يبق لي رغبة في متجر ولا غيره سوى خدمة الشيخ ، فلازمه إلى الممات )) [ جامع كرامات الأولياء ص 94 / 2 ] .
فالمسألة فاقت التوسل والاستغاثة ووصل إلى خاطر الشيخ الذي يحرص المريدين من المخاطر كما طلب الشاب من شبيب الفراتي ، ولا شك أن هذه الترهات وهذه القصص التي يحكون فيها خواطر الشيوخ وغيرها ؛ هي من أسباب وقوعهم بالاستغاثة التي هي الشرك الأكبر ، وهي من أعظم أدلتهم على جواز الاستغاثة بغير الله عز وجل .
مثال آخر يبين الحقيقة عند الصوفية التي يحاول المؤلف إخفائها قال الشعراني في ترجمة محمد الحنفي : (( وقال سيدي محمد رضي الله عنه في مرض موته من كانت له حاجة فليأت إلى قبري ويطلب حاجته أقضها له فإن ما بيني وبينكم غير ذراع من تراب ، وكل رجل يحجبه عن أصحابه ذراع من تراب ، فليس برجل )) [ الطبقات الكبرى ص 416 ] ، فهذا محمد الحنفي يطلب من مريديه أن يدعوه من دون الله وهذا يخالف ما يريد قوله المؤلف .
وأكتفي بهذا القدر من تبيين حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثه للمسلمين على اللجوء إلى الله تعالى في حال الكرب والشدة ، فأنت الكريم القاري أمام خيارين أما أن تسلك سبيل المؤمنين في إخلاص الدعاء لله في الشدة والرخاء أو تسلك سبيل الصوفية في دعائهم لغير الله عز وجل من أوليائهم الإحياء والأموات في حال الشدة والرخاء . والآن نشرع في ذكر أدلة المؤلف التي يحاول بها صرف المسلمين من إخلاص الدعاء لله إلى دعاء غير الله باسم التوسل حيث أن المؤلف لا يفرق بين التوسل والاستغاثة مع ملاحظة أن المؤلف لم يفرق بين أدلة التوسل والاستغاثة بغير الله تعالى .
وقبل أن نستطرد بذكر الأدلة أود أن أبين للقاري حقيقة الخلاف وحقيقة التوسل ، فالخلاف في طلب الدعاء من يظن بهم الصلاح أو سؤال الله تعالى بأسمائه الحسنى أو صفاته العلا أو التوسل إلى بالأعمال الصالحة ، فنحن نفرق بين التوسل بهذه الأنواع وبين التوسل بالذوات ناهيك عن الاستغاثة بالأموات وربما من اتهم بالزندقة أو ثبتت عليه التهمة .
------------------------
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#3 09-10-2009, 11:59 PM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
أدلة المؤلف من الكتاب
الدليل الأول :
قال المؤلف : (( قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة﴾ : لفظ الوسيلة عام في الآية كما نرى فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين في الحياة وبعد الممات لأنه لا فرق بينهما كما سيمر معنا وهو شامل أيضا للتوسل بالأعمال الصالحة. )) [ ص 88 ] .
قلت : كما مر المؤلف لا يفرق بين أنواع التوسل وقوله : (( لفظ الوسيلة عام في الآية )) لا يصح بدلالة تكملة الآية حيث قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (المائدة : 35 ) وغير ذلك أن المفسرين ليس هذا رأيهم فقد قال شيخ المفسرين الطبري : ((وابتغوا إليه الوسيلة يقول واطلبوا القربة إليه بالعمل بما يرضيه )) [ تفسير الطبري ص 255/6 ] . فقد فسر الطبري بالوسيلة أنها العمل الصالح الذي يرضي الله عز وجل وليس الذوات وذلك قال الله تعالى بعد قوله : (( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ )) ، قال : ((وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ )) دلالة على أن الوسيلة هي الجهاد في سبيله والجهاد من جنس العمل الصالح ، والله تعالى أعلم .
لم يكن الطبري هو الوحيد الذي فسر الوسيلة بالعمل فقد أخرج الطبري بسند حسن أن أبا وائل شقيق بن سلمة قال في تفسير (( وابتغوا إليه الوسيلة )) قال : (( القربة في الأعمال )) [ تفسير الطبري ص 255/6 ] . وكذلك قتادة فسر الوسيلة بالعمل حيث قال : (( أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه )) ، وقال عبد الرؤوف المناوي في تفسير ((وابتغوا إليه الوسيلة )) قال : (( أي اتقوه بترك المعاصي وابتغوا إليه الوسيلة بفعل الطاعات من وسل إلى كذا تقرب إليه )) [ فيض القدير ص 109/4 ] . وهناك من فسر الوسيلة بالقربة ، ولا يتنافى هذا التفسير مع من فسرها بالأعمال لأن القربة تكون بالعمل ، والله تعالى أعلم .
ومن هنا نعلم أن هذه الآية ليس في دليل صريح على جواز التوسل بالذات ولا سيما وقد فسرها العلماء بالعمل ، فالدعوى أوسع من الدليل .
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#4 09-11-2009, 12:00 AM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
الدليل الثاني :
قال المؤلف : (( وقال تعالى : ﴿ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ﴾ وقال سيدنا ابن عباس ومجاهد: هم عيسى عليه السلام وأمه وعزير والملائكة والشمس والقمر والنجوم، يبتغون أي يطالبون إلى ربهم الوسيلة أي القربة، وقيل الدرجة: أي يتضرعون إلى الله في طلب الدرجة العليا وقيل: الوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى وقوله: ﴿أيهم أقرب﴾ معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به.
وقال الزجاج أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح ونحوه في تفسير الخازن )) [ ص 88 ] .
قلت : يحاول المؤلف بطريقة عجيبة أن يحمل الآية ما لا تحتمل ، فهو يريد إنزالها على غير مرادها فهو يريد أن يجعلها دليل على جواز التوسل بالذوات أبي طريقة كانت ، فماذا فعل نقل قول ابن عباس ومجاهد ثم قال : (( يبتغون أي يطالبون إلى ربهم الوسيلة أي القربة )) وهذه العبارة ليس من قولهما كما في تفسير الطبري ، ثم قال : ((وقوله: ﴿أيهم أقرب﴾ معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله تعالى فيتوسلون به )) فمن يقرأ كلام المؤلف يفهم منه أن الملائكة وعيسى وأمه عليهما السلام وعزيز والشمس والقمر والنجوم يلتمسون من يتوسلون به ، بينما كانا يفسرنا ما هي الوسيلة .
وعلى كلام المؤلف أن عيسى وأمه عليهما السلام وعزير الملائكة والشمس والقمر والنجوم يتوسلون بالذوات ، وليس ليس عنده عليه دليل من المنقول ، وحتى كلام ابن عباس ومجاهد لا يخدم ما ذهب إليه المؤلف من رأي لأنه لنزول هذه الآية سبب فقد أخرج الإمام مسلم عن الصحابي العالم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذه الآية قال : (( قال كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر من الجن واستمسك الإنس بعبادتهم فنزلت " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة " )) [ صحيح مسلم ح 3030 ] .
وكلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لا يتنافى مع كلام ابن عباس رضي الله عنه إن صح كما سيأتي بيانه ، وعلى تقدير صحته يكون الجمع أن هؤلاء المشركين كانوا يعبدون عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام كما هو الحال مع النصارى ، ويعبدون عزيرا كما هو الحال مع اليهود ، ويعبدون الملائكة والشمس والقمر والنجوم كما هو الحال مع مشركي العرب والصابئة منهم ، فيعبدونهم ويتوسلون بهم حتى يقربونهم إلى الله زلفى ، والله تعالى أعلا وأعلم .
أما بالنسبة لصحة هذا القول لابن عباس فقد جاء بطريقين أخرجهما الطبري في تفسيره فالأول (( عن شعبة عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن بن عباس )) [ 104/15 ] . وفي هذا الاسناد أبو صالح باذام وهو ضعيف ، وكذلك السدي متكلم فيه . أما الطريق الثاني (( عن محمد بن حميد قال ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال كان بن عباس )) [ 106/15 ] . وفي هذا الإسناد محمد بن حميد الرازي ضعيف متهم بالكذب . فقول ابن عباس لم يثبت عنه أما كلام مجاهد فلا يقدم على كلام ابن مسعود أصلا في المعارضة فكيف إن أمكن الجمع ؟؟!!
وقال المؤلف : (( وقال الزجاج أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح ونحوه في تفسير الخازن )) [ ص 88 ] .
قلت : كلام الزجاج هذا الذي نقله لا يتنافى مع الأقوال السابقة لأن المشركين لم يعبدون أولئك إلا لما اعتقدوا بهم الصلاح ، كما هو الحال في قوم نوح ، وكذلك الصوفية فهم يلتمسون الصالحين وربما الزنادقة ليتوسلوا بهم ( مع مراعاة أن الصوفية لا يفرقون بين التوسل والاستغاثة والاستعانة ) .
فهذا الدليل الثاني ليس في حجة على ما ذهب إليه المؤلف بل حشر تفسرا له كي ينزل هذه الآية على ما ذهب إليه من جواز التوسل الاستغاثة والاستعانة ( عبادة ) الذوات .
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#5 09-11-2009, 12:03 AM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
الدليل الثالث :
قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه﴾: يقص الله جل وعلا علينا في هذه الآية قصة الرجل القبطي الذي استغاث بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، وهو من شيعته فأغاثه ن ومعلوم أن الأنبياء عليهم السلام كلهم جاؤوا بالتوحيد الخالص لله تعالى وعدم الإشراك به، فلو كانت الاستغاثة الرجل به نوعا من الشرك لم يجز لسيدنا موسى أن يغيثه وحاشا الأنبياء أن يقروا الناس على ما فيه مخالفة المولى عز وجل )) [ ص 88 ] .
قلت : نعم القاعدة التي ذكرها المؤلف صحيحة وهي أن الأنبياء جاؤوا بالتوحيد الخالق ، ولكن أولا فعل موسى عليه السلام هذا الذي ذكره استدل به المؤلف كان قبل بعثته عليه السلام فكيف يستدل به وإلا يلزمه صحة قتله الفرعوني .
أما النقطة الآخر وهي تحرير محل الخلاف فليس محل الخلاف في الأمور التي يستطيعها البشر عادة ، فلا أحد يقول أنك إذا طلبت من أخيك المساعدة فيما يستطيعه شرك ، وقد تقدم بيان الاستغاثة الجائزة في أول المبحث فلتراجع ، وإنما محل الخلاف هو الطلب المقبورين والأحياء الغائبين ما لا يستطيعه إلا الله عز وجل مثل أن يهيج عليهم البحر فيطلبون من العيدروس أن ينجيهم من هذه المهلكة أو أنه لا يأتيه ولد فيشد الرحل من الحجاز إلى بغداد لقبر الشيخ عبد القادر الجيلاني فينذر للشيخ ويطلب منه أن يرزقه الولد أو يفك أسيره إلى غير ذلك من أفعال الصوفية المشاهدة .
فهذا الدليل ليس له صلة في البحث أصلا ، ويبدو أن المؤلف ذكر هذا الدليل على طريقة حشو الكلام أو تكثريه فهو يعلم محل الخلاف حيث يقول : (( فلو كانت الاستغاثة الرجل به نوعا من الشرك لم يجز لسيدنا موسى أن يغيثه )) فإذا علم أن هناك من يقول الاستغاثة بغير الله شرك لابد له انه علم ما وجه قوله ، أو أن المؤلف لم يفهم قول القائل فرد عليه دون أن يعرف وجهة نظره ، والعجيب أنه قدم لهذا الكتاب عدة من مشايخ الصوفية فهل يعقل أنهم جميعهم لا يعلمون وجه الخلاف أم أنهم علموا وسكتوا تكثيرا للأدلة ؟؟ ولا نعلم أن أحدا من مانعي الاستغاثة قالوا بأن جنس استغاثة الرجل الذي استغاثة بموسى عليه السلام شرك .
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#6 09-11-2009, 12:05 AM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
الدليل الرابع
قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿فتلقى آدم من ربه كلمات﴾ قال ابن عباس هي: ﴿ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين﴾ ، وذكر الألوسي في تفسيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أنها (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).
وقيل : رأى مكتوبا على ساق العرش محمد رسول الله فتشفع به )) [ص 88 – 89 ] .
قلت : على ضوء ما ذكره المؤلف من قول ابن عباس وابن مسعود يكون التوسل بالدعاء وليس بالذوات ، ولكن ليس هذا هو هدف المؤلف ؛ المؤلف يرمي إلى حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الموضوع الذي سوف يأتي ذكره في الدليل الثامن من أدلة المؤلف على جواز التوسل والاستغاثة بالأموات ، هو توسل آدم علي السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه يعلم بضعفه فذلك قال : (( وقيل : رأى مكتوبا على ساق العرش محمد رسول الله فتشفع به )) . ويأتيك بيان هذا الحديث .
قال أبو عبد الله الحاكم : حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك )) [المستدرك على الصحيحين ص 672/2 ] .
وهذا الحديث ضعيف جدا كما قال أهل الحديث في إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف قال ابن خزيمة : (( ليس هو ممن يحتج أهل العلم بحديثه لسوء حفظه ، هو رجل صناعته العبادة و التقشف ، ليس من أحلاس الحديث )) [ تهذيب التهذيب ].
وأما عبد الله بن مسلم الفهري فقد ذكره الذهبي في الميزان وقال : (( عبد الله بن مسلم أبو الحارث الفهري روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن يزيد بن سلم خبرا باطلا فيه يا آدم لولا محمد ما خلقتك رواه البيهقي في دلائل النبوة )) [ ميزان الاعتدال ص 199/2 ] ، وسوف يأتي الكلام على هذا الحديث في موضعه إن شاء الله تعالى .
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#7 09-11-2009, 12:07 AM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
الدليل الخامس :[/b]
قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾ قال الحافظ ابن كثير في التاريخ: قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم.
قال ابن كثير: وقد كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه، وكان فيه طمست من ذهب كانت يغسل فيه صدور الأنبياء .
وقال ابن كثير في التفسير : كان فيه عصا موسى وعصا هارون ولوحان من التوراة وثياب هارون ومنهم من قال: العصا والنعلان .
وقال القرطبي : والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام فكان في بني إسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم.
وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم غير ذلك والله سبحانه وتعالى راض عن ذلك بدليل أنه رده إليهم وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت ولم ينكر عليهم ذلك الفعل )) [ ص 89 ]
قلت : وهذا الدليل أيضا من كثير الأدلة وإن لم يكن فيها دلالة على التوسل بالذوات والاستغاثة والاستعانة بهم ، وإلا أين فعل بني إسرائيل من الطلب من الأموات ؟؟
وأين فعل بني إسرائيل من فعل الصوفية عن المشاهد والأضرحة ، بل أمرهم زاد عن هذا حتى أنهم يتضرعون للأموات رهبة ورغبة ، والله المستعان . وقول المؤلف : (( وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم غير ذلك )) أوسع من الدليل ، فهؤلاء عندما يكون معهم التابوت يستبسلون بالدفاع عنه لأنهم يدافعون عن آثار موسى وهارون عليهما السلام ، وكما يستبسل الفارس بالدفاع عن أهله وماله ، وإلا أين الدليل أنهم كانوا يتوسلون بالتابوت ، قول المؤلف تحميل النص ما لا يحتمل .
ثم قوله هذا يخالف التعاريف التي ذكرها في صدر الكلام حيث جعل التوسل فيمن أعطائهم الله القدر كما يزعم ، فهل الله سبحانه وتعالى أعطى القدر للتابوت لينصرهم على من عاداهم ولو كان كذلك لما سلب منهم . فدليله هذا ليس فيه دلالة على التوسل بالذوات لا من بعيد ولا من قريب ، وما هو إلا تسويد الصفحات ويبدو لي أنهم يظنون أن الحق يثبت بكثرة الصفحات لا في صحة الاستدلال !!
أبو عثمان_1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى أبو عثمان_1
البحث عن المشاركات التي كتبها أبو عثمان_1
#8 09-11-2009, 12:08 AM
أبو عثمان_1
( باحث متخصص بالتصوف وعضو مجلس الإدارة )
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 623
رد: الرد على مبحث التوسل والاستغاثة والاستعانة من الموسوعة اليوسفية
--------------------------------------------------------------------------------
الدليل السادس
قال المؤلف : (( وقال تعالى: ﴿ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين﴾ روى أبو نعيم في دلائل النبوة من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا يقولون: اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي إلا نصرتنا فينصرون فلما جاءهم ما عرفوا يريد محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشكوا فيه كفروا به ولهذا الأثر طرق