من قصيدة يا أمَّة التوحيد
أُشْربْتُ حُبَّكِ فارتويْتُ على المدى
يا أمةً بالعدلِ روضت العدا
وأدَرْتُ ذكرَكِ والزمانُ صحيفتي
فرأيتُ فرداً بالجلالِ تفَرَّدا
ملكَتْ يمينُكِ كلَّ أسبابِ الهدى
لمَّا حَباكِ اللهُ منه محمَّدا
في كلِّ قلبٍ تزرعينَ رسالةً
وبكلِّ كفٍّ ترفعينَ مُهنَّدا
أغنى بني الدنيا جهادُكِ رحمةً
ولكمْ جَهَدْتِ لكي تصوني مُجهدا؟!
فوق الحياةِ يقينُهم وجهادُهم
إلا لحقٍّ سيفُهمْ ما جُرِّدا
فتحوا بلادَ العالمينَ وقبلها
أخلاقُهُم لم تُبقِ قلباً موصدا
هم في الدجى متهجِّدون لربِّهم
وهمو لدى الجلّى ملائكةُ الردى
السِّلْمُ إن جَنحوا له فأعِزَّةً
وترى المسالِمَ واحداً منهم غدا
لم تؤذِ سائمةً فتوحُهمو، ولا
هي أوقفتْ تغريدَ شادٍ غرَّدا
وعلى امتدادِ خُطى الجهادِ مساجدٌ
صارتْ لعلْمِ العالمينَ الموردا
منها استنارَ العالَمون، وقبلَها
لله أمسى كلُّ قلبٍ مسجدا
أمِنَ العدوُّ وبات لا يخشى الأذى
فالأرض بالإسلامِ أمست معبدا
أوَما بأندلسِ الأوابدِ شاهدٌ
أن الذي شدناه صارَ مؤبدا
هل كان مثلَ ابنِ الوليدِ مُجاهدٌ
فاقَ البريةَ قائداً، ومُجنَّدا!!
العَزْلُ حرَّرهُ، وأطلقَ عزمَهُ
ليقاتِلَ الأعداءَ من أدْنى مدى
ولِطارقِ بن زيادَ كم شهِدَ الورى
ولكم أُقيمَ لذكرِهِ من مُنتدى!!
حمل الأمانة وهو «مولى» فازدهى
فيه الزمانُ، وصارَ فيه السيِّدا
وأرى صلاحَ لدين قلباً مؤمناً
بهوى العقيدة، والجهادِ توقَّدا
حشد الحشودَ وكان جيشاً وحدَهُ
وأتى لدحر الظلمِ عن قدس الهدى
كان الرحيمَ بخصمِه حين اقتضى
عطفٌ، وكان لدى الجهادِ الأجلدا
فتح الفتوحَ ولم يحجَّ لفقرِهِ
فبرغمِ مُلكِ يديهِ لم يُطبقْ يدا
عاشَ الجهادَ عقيدةً، وعبادةً
أكرِْ بحُرٍّ بالجهادِ تعبَّدا!
يا أمَّةَ التوحيد أينَ المُنتهى
واحسْرتاه.. وأين أين المُبتدا؟!
ما حَرْقُ أقصانا سوى تحذيرنا
من أن بيتَ الله صارَ مُهدَّدا
قد عشتِ راحمةً ولو أنصَفتِ ما
أبقيتِ يوماً من بَغى، وتهوَّدا
سيعود بالتوحيد عزك أمتي
فالله للتوحيد قد ضمن الغدا
مهما الخلاف طغى سيبقى شعبنا
بهدى الرسولِ على الزمانِ موحّدا
والعِلْمُ إن لم يَستَنِرْ بهدايةٍ
يغدو الأنامُ لمن طغى مستعبَدا
ما ناب خطبٌ يعربيّاً واحداً
إلا وآلمَ شعبَنا فتوحّدا
كم أبدعت آلامَه أملاً، وكم
هي قيّدت بقيوده من قيّدا؟!
وسلاسل السَّجانِ كم قد أُرْجعت
سيفاً على سجَانها قد جُرِّدا؟!
فعلى رقاب الغدر أطبقنا يداً
ولريشةِ التاريخ أطلقنا يَدا
يمضي الشهيدُ فلا نهابُ، وكم ترى
حبَّ الشهادةِ في القلوبِ تولَّدا!
ولكمْ يهونُ العالمون وشامخاً
يبقى أخو الإيمانِ لا يخشى الردى!!
أُشْرِبتُ حبَّكِ فارتويتُ على المدى
وقبستُ نهجَكِ فاكتنزتُ به الهدى
لو لم تكوني أمَّتي يا أمَّتي
لقضيتُ عمري في هواكِ تهجُّدا
حسبي، وحسبُكِ أن يكونَ محمَّدٌ
منَّا.. وما وَسِعَ الزمانُ محمَّدا